الكلالمال والأعمال

قانون الحيوانات الجديد في المغرب: تفاصيل شاملة وعقوبات صارمة للمخالفين

قانون الحيوانات الجديد في المغرب: تفاصيل شاملة وعقوبات صارمة للمخالفين

اكتشف تفاصيل قانون الحيوانات الجديد بالمغرب (19.25)، عقوباته الصارمة، وتأثيره على حماية الحيوانات الضالة والأليفة. دليل شامل لفهم القانون.

فهم قانون الحيوانات الجديد وأهميته

في الآونة الأخيرة، شهد المغرب حراكًا تشريعيًا مهمًا تمثل في إقرار مشروع قانون رقم 19.25 المتعلق بحماية الحيوانات الضالة والوقاية من أخطارها. هذا القانون، الذي بات يُعرف على نطاق واسع باسم قانون الحيوانات الجديد، يمثل نقطة تحول في كيفية تعامل المجتمع المغربي مع قضايا الرفق بالحيوان، ويأتي في سياق جهود المملكة لتحسين صورتها الدولية، خاصة مع استضافتها المرتقبة لفعاليات عالمية كبرى مثل كأس العالم 2030. لقد أثار قانون الحيوانات الجديد جدلاً واسعًا بين مختلف الأطراف، من نشطاء حقوق الحيوان إلى عامة المواطنين، وذلك لما يتضمنه من بنود جديدة وعقوبات صارمة تهدف إلى تنظيم العلاقة بين الإنسان والحيوان بشكل لم يسبق له مثيل في التشريعات المغربية.

إن الأهداف الرئيسية لـ قانون الحيوانات الجديد تتجاوز مجرد حماية الحيوانات من الإساءة؛ فهو يسعى إلى تحقيق توازن دقيق بين رعاية الحيوانات الضالة وضمان الأمن العام وسلامة المواطنين. يهدف هذا القانون إلى وضع إطار قانوني شامل يحدد مسؤوليات الأفراد والمؤسسات تجاه الحيوانات، سواء كانت أليفة أو ضالة، ويفرض آليات جديدة للتعامل معها، بما في ذلك التصريح الإجباري بالحيوانات الأليفة، وإنشاء مراكز إيواء، وتحديد عقوبات رادعة للمخالفين. هذا التوجه يعكس وعيًا متزايدًا بأهمية الرفق بالحيوان كجزء لا يتجزأ من التنمية المجتمعية المستدامة، ويضع المغرب في مصاف الدول التي تولي اهتمامًا خاصًا لهذه القضية.

الجدل الدائر حول قانون الحيوانات الجديد يتركز بشكل كبير حول بعض بنوده التي اعتبرها البعض مثيرة للجدل، مثل حظر إطعام الحيوانات الضالة في الأماكن العامة، والعقوبات المفروضة على عدم التصريح بالحيوانات الأليفة. هذه البنود أثارت مخاوف بشأن مدى تطبيقها العملي وتأثيرها على العلاقة التقليدية بين الإنسان والحيوان في الثقافة المغربية. ومع ذلك، يرى المؤيدون لـ قانون الحيوانات الجديد أنه ضروري لضمان بيئة صحية وآمنة للجميع، وللحد من انتشار الأمراض التي قد تنقلها الحيوانات الضالة، بالإضافة إلى تنظيم ظاهرة تربية الحيوانات الأليفة بشكل يضمن رفاهيتها وعدم تحولها إلى مصدر إزعاج أو خطر على الآخرين. في هذا المقال، سنتعمق في تفاصيل هذا القانون، ونستعرض أبرز بنوده، ونحلل العقوبات المترتبة على مخالفته، ونناقش الجدل المجتمعي الذي أثاره، لنقدم صورة شاملة وواضحة عن قانون الحيوانات الجديد وتداعياته المحتملة على المجتمع المغربي.

تعريف الحيوانات الضالة في سياق قانون الحيوانات الجديد

يُعد فهم تعريف الحيوانات الضالة أمرًا جوهريًا للتعمق في أحكام قانون الحيوانات الجديد. فالمشروع القانوني رقم 19.25 لم يقتصر في تعريفه على الحيوانات المتشردة التي تجوب الشوارع فحسب، بل وسّع نطاق هذا التعريف ليشمل أي حيوان يتواجد في الشارع العام أو الفضاءات العامة، مثل الحدائق، الغابات، والساحات العمومية. هذا التوسع في التعريف يعكس رؤية شاملة لـ قانون الحيوانات الجديد تهدف إلى تنظيم وجود الحيوانات في جميع الأماكن التي يمكن أن تتفاعل فيها مع البشر أو تشكل خطرًا عليهم، أو حتى تلك التي قد تتعرض فيها الحيوانات نفسها للخطر أو الإساءة. [1]

الأكثر أهمية في سياق قانون الحيوانات الجديد هو أن التعريف لا يقتصر على الحيوانات الضالة بالمعنى التقليدي، بل يمتد ليشمل الحيوانات الأليفة أيضًا. هذا يعني أن أي حيوان أليف، سواء كان قطًا أو كلبًا أو غيره، إذا وجد في الأماكن العامة دون رقابة صاحبه أو كان مطلوقًا، فإنه يندرج تحت تعريف الحيوان الضال في نظر قانون الحيوانات الجديد. هذه النقطة بالذات أثارت الكثير من النقاش، حيث يرى البعض أنها تضع مسؤولية كبيرة على عاتق أصحاب الحيوانات الأليفة، بينما يرى آخرون أنها خطوة ضرورية لضمان سلامة الحيوانات والمواطنين على حد سواء. إن شمولية قانون الحيوانات الجديد في هذا الجانب تهدف إلى سد الثغرات التي قد تسمح بإهمال الحيوانات الأليفة أو التخلي عنها في الأماكن العامة.

لا يكتفي قانون الحيوانات الجديد بتحديد الحيوانات الضالة في الأماكن العامة، بل يشمل أيضًا الفضاءات الخاصة المشتركة. وهذا يشمل على سبيل المثال لا الحصر، سلالم العمارات، الكراجات، ومواقف السيارات المشتركة. هذا التوسع في نطاق التطبيق يعكس حرص قانون الحيوانات الجديد على معالجة جميع الجوانب التي قد تؤثر فيها الحيوانات على حياة الأفراد، سواء في الأماكن العامة المفتوحة أو في المساحات المشتركة داخل التجمعات السكنية. هذا البند يهدف إلى منع تحول هذه الفضاءات إلى مأوى للحيوانات الضالة، وبالتالي تقليل المخاطر الصحية والأمنية المحتملة، مع التأكيد على أن حماية الحيوانات هي مسؤولية جماعية تتطلب تعاون الجميع. إن هذا التعريف الشامل يضع الأساس لتطبيق صارم لـ قانون الحيوانات الجديد، ويضمن أن جميع الحالات التي قد تشكل فيها الحيوانات خطرًا أو تتعرض فيها للإساءة يتم التعامل معها قانونيًا.

حماية الحيوانات بموجب قانون الحيوانات الجديد: الالتزامات والحقوق

يضع قانون الحيوانات الجديد إطارًا قانونيًا واضحًا لحماية الحيوانات، ويحدد التزامات كل من الدولة والمواطنين في هذا الصدد. فالمادة الثالثة من مشروع القانون تنص بوضوح على ضرورة حماية الحيوانات الضالة والمتشردة من الأمراض، التعذيب، العنف، والقتل. هذا البند يؤكد على أن حماية الحيوان ليست مجرد مسألة أخلاقية، بل هي التزام قانوني تقع مسؤوليته على عاتق الدولة والمجتمع ككل. إن قانون الحيوانات الجديد يسعى إلى ترسيخ مبادئ الرفق بالحيوان، ويجرم أي فعل من شأنه أن يلحق الأذى بالحيوانات، سواء كان ذلك عن طريق الإهمال أو العنف المتعمد. هذا التوجه يعكس تطورًا في الوعي المجتمعي تجاه حقوق الحيوان، ويضع المغرب في مصاف الدول التي تتبنى تشريعات صارمة في هذا المجال.

من أبرز وأكثر البنود إثارة للجدل في قانون الحيوانات الجديد هي المادة الخامسة، التي تحظر على أي شخص إطعام، سقي، رعاية، إيواء، أو علاج أي حيوان ضال. هذا الحظر، الذي يعني المنع المطلق، يهدف إلى تنظيم التعامل مع الحيوانات الضالة بطريقة تضمن عدم تشجيع تكاثرها العشوائي في الأماكن العامة، وبالتالي الحد من المخاطر الصحية والأمنية التي قد تنجم عن وجودها بأعداد كبيرة. ورغم أن هذا البند قد يبدو قاسيًا للبعض، إلا أن المشرع في قانون الحيوانات الجديد يرى فيه ضرورة لتحقيق التوازن بين حماية الحيوانات وسلامة المواطنين. فإطعام الحيوانات الضالة بشكل عشوائي قد يؤدي إلى تجمعها في مناطق معينة، مما يزيد من احتمالية انتشار الأمراض أو وقوع حوادث، ويجعل من الصعب على السلطات المختصة التحكم في أعدادها أو توفير الرعاية اللازمة لها بشكل منظم.

إن الهدف من هذا الحظر في قانون الحيوانات الجديد ليس الإضرار بالحيوانات، بل هو دفع الأفراد إلى عدم التعامل معها بشكل فردي وعشوائي، وتشجيعهم على ترك هذه المهمة للمراكز والمؤسسات المختصة التي سيتم إنشاؤها لهذا الغرض. هذا يعني أن قانون الحيوانات الجديد يهدف إلى إضفاء الطابع المؤسسي على رعاية الحيوانات الضالة، بدلاً من تركها لمبادرات فردية قد تكون غير منظمة أو غير فعالة على المدى الطويل. فالدولة، من خلال هذا القانون، تلتزم بتوفير مراكز إيواء ورعاية لهذه الحيوانات، وبالتالي فإن مسؤولية إطعامها وعلاجها تنتقل من الأفراد إلى هذه المؤسسات. هذا التحول في المسؤولية يهدف إلى ضمان رعاية أفضل وأكثر استدامة للحيوانات، مع الحفاظ على النظام العام والصحة العامة. إن فهم هذه النقطة المحورية في قانون الحيوانات الجديد ضروري لتقدير الأبعاد الكاملة لهذا التشريع وتأثيراته على المجتمع.

مسؤوليات مربي الحيوانات الأليفة في ظل قانون الحيوانات الجديد

لم يغفل قانون الحيوانات الجديد عن تنظيم العلاقة بين مربي الحيوانات الأليفة وحيواناتهم، بل وضع إطارًا قانونيًا صارمًا يحدد مسؤولياتهم لضمان رفاهية الحيوان وسلامة المجتمع. من أبرز هذه المسؤوليات هي إلزامية الدفتر الصحي والتصريح الإلكتروني. فبموجب قانون الحيوانات الجديد، أصبح لزامًا على كل مالك لحيوان أليف، سواء كان قطًا أو كلبًا أو غيره، أن يقوم بإعداد دفتر صحي خاص بحيوانه، وأن يصرح به في المنصة الإلكترونية المخصصة لذلك. هذه الخطوة تهدف إلى توفير قاعدة بيانات شاملة للحيوانات الأليفة في المغرب، مما يسهل تتبعها، والتحكم في الأمراض، وضمان حصولها على الرعاية الصحية اللازمة. إن هذا الإجراء يعكس حرص قانون الحيوانات الجديد على تنظيم هذه الظاهرة بشكل يخدم مصلحة الحيوان والمجتمع على حد سواء.

يُعد الرقم التعريفي للحيوان أحد الركائز الأساسية التي جاء بها قانون الحيوانات الجديد. فبعد التصريح بالحيوان في المنصة الإلكترونية، يتم منحه رقمًا تعريفيًا فريدًا، ويجب أن يكون هذا الرقم مرفقًا بالحيوان بشكل دائم، سواء عن طريق قلادة أو شريحة إلكترونية. هذا الرقم التعريفي يسهل عملية التعرف على الحيوان ومالكه في حالة الفقدان أو الضياع، ويضمن عدم التخلي عن الحيوانات بشكل عشوائي. كما أنه يساهم في تطبيق بنود قانون الحيوانات الجديد المتعلقة بالمسؤولية القانونية للمالكين. إن هذا النظام، المستوحى من التجارب الدولية، يهدف إلى إضفاء المزيد من التنظيم والشفافية على ظاهرة تربية الحيوانات الأليفة، ويضمن أن كل حيوان له مالك مسؤول يمكن تتبعه.

تتضمن مسؤوليات مربي الحيوانات الأليفة بموجب قانون الحيوانات الجديد أيضًا مراقبة الحيوانات في الفضاءات العامة. فالمادة السابعة من القانون تلزم المالكين بالسيطرة الكاملة على حيواناتهم في الشارع العام والفضاءات المشتركة، وعدم تركها طليقة دون رقابة. هذا البند يهدف إلى منع وقوع حوادث قد تتسبب فيها الحيوانات، مثل عض الأشخاص أو إتلاف الممتلكات، ويضمن عدم إزعاج الآخرين. وفي حالة هروب الحيوان أو فقدان السيطرة عليه، يفرض قانون الحيوانات الجديد عقوبات على المالك، مما يؤكد على أهمية الالتزام بهذه المسؤولية. إن هذا الجانب من القانون يهدف إلى تحقيق التوازن بين حرية المالك في تربية الحيوانات وحق الآخرين في بيئة آمنة وخالية من الإزعاج.

لم يغفل قانون الحيوانات الجديد عن الحالات الطارئة التي قد يواجهها مربو الحيوانات، مثل فقدان الحيوان أو وفاته. ففي هذه الحالات، يلزم القانون المالك بالإبلاغ عن ذلك في المنصة الإلكترونية خلال فترة زمنية محددة (ثلاثة أيام في حالة الفقدان). هذا الإجراء يهدف إلى تحديث قاعدة البيانات، وتسهيل عملية البحث عن الحيوانات المفقودة، ومنع استغلال الحيوانات الميتة أو التخلي عنها بشكل غير لائق. كما أنه يضمن الشفافية في التعامل مع مصير الحيوانات الأليفة، ويحمل المالك مسؤولية الإبلاغ عن أي تغيير يطرأ على حالة حيوانه. إن هذه الإجراءات تعزز من فعالية قانون الحيوانات الجديد في تنظيم ورصد الحيوانات الأليفة في المملكة.

أخيرًا، يتناول قانون الحيوانات الجديد مسألة التخلي عن الحيوانات. فبدلاً من التخلي عن الحيوان في الشارع أو في أي مكان عام، يلزم القانون المالك الذي لم يعد يرغب في رعاية حيوانه بتسليمه إلى المراكز المخصصة لإيواء الحيوانات الضالة. هذا البند يهدف إلى منع ظاهرة التخلي عن الحيوانات، والتي تؤدي إلى زيادة أعداد الحيوانات الضالة في الشوارع، وتفاقم المشاكل الصحية والبيئية. إن قانون الحيوانات الجديد يوفر بديلاً إنسانيًا ومسؤولًا للمالكين الذين يجدون أنفسهم غير قادرين على الاستمرار في رعاية حيواناتهم، ويضمن أن هذه الحيوانات ستتلقى الرعاية اللازمة في هذه المراكز بدلاً من أن تصبح عرضة للخطر في الشوارع. هذا الإجراء يعكس التزام القانون بالرفق بالحيوان، ويشجع على التعامل المسؤول مع الحيوانات الأليفة طوال حياتها. [2]

المراكز الجديدة لرعاية الحيوانات: ركيزة أساسية في قانون الحيوانات الجديد

يُعد إنشاء مراكز رعاية وإيواء الحيوانات أحد أهم المبادرات التي جاء بها قانون الحيوانات الجديد، والتي تهدف إلى توفير حلول مستدامة وفعالة لمشكلة الحيوانات الضالة في المغرب. فبموجب هذا القانون، تلتزم الجماعات المحلية والدولة بإنشاء هذه المراكز، والتي ستكون بمثابة ملاذ آمن للحيوانات التي لا مأوى لها. هذا الدور لا يقتصر على القطاع العام فحسب، بل يفتح قانون الحيوانات الجديد الباب أمام القطاع الخاص للمساهمة في هذا الجهد، من خلال إنشاء مراكز إيواء ورعاية خاصة، شريطة الحصول على التراخيص اللازمة. هذا التوجه يعكس رؤية شاملة لـ قانون الحيوانات الجديد تسعى إلى تضافر الجهود بين مختلف الفاعلين لضمان رعاية أفضل للحيوانات، وتقليل أعدادها في الشوارع بطرق إنسانية ومنظمة.

لا تقتصر وظيفة هذه المراكز على إيواء الحيوانات فحسب، بل تمتد لتشمل توفير الرعاية الصحية، والتغذية، والتأهيل للحيوانات، بهدف إعدادها للتبني. فـ قانون الحيوانات الجديد يشجع على تبني الحيوانات من هذه المراكز، مما يساهم في إيجاد بيوت دائمة ومحبة لهذه الكائنات. هذا النظام، الذي يشبه إلى حد كبير الأنظمة المتبعة في الدول المتقدمة، يهدف إلى تغيير النظرة المجتمعية تجاه الحيوانات الضالة، وتحويلها من مشكلة إلى فرصة لتعزيز الرفق بالحيوان. إن إجراءات التبني من مراكز رعاية الحيوانات في ظل قانون الحيوانات الجديد ستكون منظمة وشفافة، مما يضمن وصول الحيوانات إلى الأسر المناسبة التي تستطيع توفير الرعاية اللازمة لها.

إلى جانب المراكز المادية، ينص قانون الحيوانات الجديد على إنشاء منصة إلكترونية خاصة بالحيوانات الضالة. هذه المنصة ستكون بمثابة قاعدة بيانات وطنية تسجل فيها جميع الحيوانات الضالة التي يتم إيواؤها في المراكز، مما يسهل تتبعها، وإدارة أعدادها، وتوفير المعلومات اللازمة للمواطنين الراغبين في التبني. هذه المنصة ستلعب دورًا حيويًا في تطبيق قانون الحيوانات الجديد، حيث ستكون أداة فعالة لجمع البيانات، وتحليلها، واتخاذ القرارات المناسبة بشأن إدارة الحيوانات الضالة. كما أنها ستعزز من الشفافية والمساءلة في هذا المجال، وتضمن أن جميع الإجراءات تتم وفقًا لأحكام القانون.

ورغم أن قانون الحيوانات الجديد يركز على حماية الحيوانات ورعايتها، إلا أنه يتضمن بندًا استثنائيًا يتعلق بالقتل الرحيم. ففي حالات معينة، مثل إصابة الحيوان بمرض عضال لا شفاء منه، أو عندما يشكل خطرًا داهمًا على الصحة العامة ولا يوجد حل آخر، يجيز القانون اللجوء إلى القتل الرحيم. هذا الإجراء يتم وفقًا لمعايير وشروط صارمة، ويجب أن يتم تحت إشراف بيطري متخصص، وبطرق إنسانية تضمن عدم معاناة الحيوان. هذا الاستثناء في قانون الحيوانات الجديد يعكس الواقعية في التعامل مع بعض الحالات الصعبة، مع التأكيد على أن الهدف الأساسي هو حماية الحيوان ورفاهيته، وأن القتل الرحيم هو الملاذ الأخير بعد استنفاد جميع الخيارات الأخرى. إن هذا البند يوازن بين الرفق بالحيوان وضرورة الحفاظ على الصحة العامة والسلامة المجتمعية.

العقوبات والغرامات في قانون الحيوانات الجديد: ردع المخالفين

يُعد الجانب المتعلق بالعقوبات والغرامات من أبرز ملامح قانون الحيوانات الجديد، حيث يهدف إلى ردع المخالفين وضمان تطبيق صارم لأحكامه. لقد جاء هذا القانون بعقوبات مالية وسالبة للحرية تتناسب مع حجم المخالفة، مما يؤكد على جدية الدولة في حماية الحيوانات وتنظيم التعامل معها. وتجدر الإشارة إلى أن ضباط الشرطة القضائية، بالإضافة إلى الأعوان المكلفين من قبل الإدارة والجماعات، لهم صلاحية ضبط المخالفات وتحرير المحاضر اللازمة، مما يضمن تفعيل آليات الرقابة والتطبيق. [3]

من أشد العقوبات التي جاء بها قانون الحيوانات الجديد تلك المتعلقة بالقتل والتعذيب والإيذاء المتعمد للحيوانات. فكل من يتعمد قتل أو تعذيب أو إيذاء أي حيوان، يعاقب بالحبس من شهرين إلى ستة أشهر، وبغرامة تتراوح بين 5000 درهم ومليون درهم. هذه العقوبة الصارمة تعكس التزام قانون الحيوانات الجديد بمكافحة جميع أشكال العنف ضد الحيوانات، وتؤكد على أن الحيوانات ليست مجرد كائنات يمكن التصرف فيها كيفما شاء الأفراد، بل هي كائنات حية لها حقوق يجب احترامها وحمايتها بموجب القانون. إن هذا البند يرسخ مبدأ المسؤولية الجنائية عن الأفعال التي تلحق الضرر بالحيوانات، ويشكل رادعًا قويًا لكل من تسول له نفسه الإساءة إليها.

كما فرض قانون الحيوانات الجديد غرامات على من يعرض حيوانًا للخطر، سواء كان هذا الحيوان ملكًا له أو لا. فكل من يعرض حيوانًا للخطر، يتعرض لغرامة تتراوح بين 10 ملايين و50 مليون درهم. هذه الغرامة الكبيرة تهدف إلى التأكيد على أهمية توفير بيئة آمنة للحيوانات، وتحميل المسؤولية لكل من يتهاون في حماية الحيوانات من الأخطار المحتملة. هذا البند في قانون الحيوانات الجديد يوسع من نطاق الحماية لتشمل ليس فقط الأفعال المباشرة للإيذاء، بل أيضًا الإهمال الذي قد يؤدي إلى تعريض الحيوان للخطر.

وفيما يتعلق بمراكز إيواء الحيوانات، فإن قانون الحيوانات الجديد يفرض عقوبات صارمة على إنشاء مراكز غير مرخصة. فكل من يقوم بإنشاء مركز إيواء للحيوانات الضالة أو غير الضالة دون الحصول على التراخيص اللازمة، يتعرض لغرامة تتراوح بين 10 ملايين و50 مليون درهم. هذا البند يهدف إلى تنظيم هذا القطاع، وضمان أن جميع المراكز التي تقدم خدمات إيواء ورعاية للحيوانات تلتزم بالمعايير الصحية والبيئية اللازمة، وتخضع للرقابة الحكومية، مما يضمن رفاهية الحيوانات التي يتم إيواؤها في هذه المراكز.

من بين الغرامات التي أثارت جدلاً واسعًا في قانون الحيوانات الجديد هي تلك المتعلقة بعدم التصريح بالحيوانات الأليفة أو عدم امتلاك دفتر صحي لها. فكل مالك لحيوان أليف لا يصرح به في المنصة الإلكترونية المخصصة لذلك، أو لا يمتلك دفترًا صحيًا لحيوانه، يتعرض لغرامة تتراوح بين 5000 درهم و15000 درهم. هذه الغرامة تهدف إلى تشجيع المالكين على الالتزام بالإجراءات الإدارية التي تضمن تتبع الحيوانات الأليفة، والتحكم في الأمراض، وتوفير الرعاية الصحية اللازمة لها. إن هذا البند في قانون الحيوانات الجديد يعكس حرص المشرع على تنظيم ظاهرة تربية الحيوانات الأليفة بشكل شامل.

أما فيما يخص إطعام ورعاية الحيوانات الضالة في الأماكن العامة، فقد نص قانون الحيوانات الجديد على عقوبات مالية. فكل من يقوم بإطعام أو سقي أو رعاية أو علاج أي حيوان ضال في الشارع العام أو الفضاءات العامة أو الخاصة المشتركة، يتعرض لغرامة تتراوح بين 1500 درهم و3000 درهم. هذه العقوبة، رغم أنها أقل من غيرها، إلا أنها تهدف إلى منع الممارسات العشوائية التي قد تؤدي إلى تجمع الحيوانات الضالة وتفاقم المشاكل المرتبطة بها، وتشجيع الأفراد على ترك هذه المهمة للمراكز المختصة التي أنشئت لهذا الغرض. إن هذا البند في قانون الحيوانات الجديد يهدف إلى تحقيق التوازن بين الرفق بالحيوان والحفاظ على النظام العام والصحة العامة.

كما يفرض قانون الحيوانات الجديد غرامات على فقدان السيطرة على الحيوان الأليف في الأماكن العامة. فإذا هرب الحيوان الأليف من سيطرة مالكه أو تم إطلاقه في الشارع أو في أي مكان عام، يتعرض المالك لغرامة تتراوح بين 10000 درهم و20000 درهم. هذه العقوبة تهدف إلى تحميل المالك مسؤولية الحفاظ على حيوانه تحت السيطرة في جميع الأوقات، ومنع أي إزعاج أو خطر قد ينجم عن الحيوانات الطليقة. إن هذا البند في قانون الحيوانات الجديد يعزز من مفهوم الملكية المسؤولة للحيوانات الأليفة.

وفي سياق متصل، يفرض قانون الحيوانات الجديد عقوبات على عدم الإبلاغ عن فقدان أو وفاة الحيوان. فإذا فقد الحيوان الأليف أو توفي، ولم يقم المالك بالإبلاغ عن ذلك في المنصة الإلكترونية خلال المدة المحددة، فإنه يتعرض لغرامة تتراوح بين 5000 درهم و10000 درهم. هذه العقوبة تهدف إلى ضمان تحديث قاعدة البيانات، وتتبع مصير الحيوانات الأليفة، ومنع أي تلاعب أو إهمال في هذا الصدد. إن هذا البند في قانون الحيوانات الجديد يؤكد على أهمية الشفافية والمسؤولية في التعامل مع الحيوانات الأليفة حتى بعد وفاتها.

أما فيما يتعلق بالتخلي عن الحيوانات في الأماكن العامة، فقد نص قانون الحيوانات الجديد على غرامة تتراوح بين 3000 درهم و15000 درهم لكل من يتخلى عن حيوانه في الشارع أو في أي مكان عام. هذه العقوبة تهدف إلى مكافحة ظاهرة التخلي عن الحيوانات، والتي تساهم في زيادة أعداد الحيوانات الضالة وتفاقم المشاكل المرتبطة بها. إن قانون الحيوانات الجديد يوفر بديلاً للتخلي عن الحيوانات من خلال تسليمها إلى المراكز المخصصة، وبالتالي فإن هذه العقوبة تهدف إلى تشجيع المالكين على اتباع الإجراءات القانونية والإنسانية في حالة عدم رغبتهم في الاستمرار في رعاية حيواناتهم.

وأخيرًا، يفرض قانون الحيوانات الجديد غرامة على عدم تعليق الرقم التعريفي للحيوان. فإذا لم يقم المالك بتعليق الرقم التعريفي الذي تم منحه لحيوانه بعد التصريح به، فإنه يتعرض لغرامة تتراوح بين 3000 درهم و15000 درهم. هذه العقوبة تهدف إلى ضمان سهولة التعرف على الحيوانات الأليفة ومالكيها، وتسهيل تطبيق باقي بنود القانون. ومن المهم الإشارة إلى أن قانون الحيوانات الجديد ينص على تضاعف العقوبات في حالة العودة، أي إذا ارتكب المخالف نفس المخالفة مرة أخرى بعد أن تم تطبيق العقوبة عليه. هذا التشديد في العقوبات يهدف إلى ردع المخالفين بشكل أكبر، وضمان التزامهم بأحكام القانون.

الجدل المجتمعي حول قانون الحيوانات الجديد: بين المؤيد والمعارض

لم يمر قانون الحيوانات الجديد دون أن يثير عاصفة من الجدل والنقاش داخل المجتمع المغربي، حيث تباينت الآراء بين مؤيد ومعارض لبنوده، خاصة تلك المتعلقة بحظر إطعام الحيوانات الضالة والعقوبات المترتبة على ذلك. لقد انقسمت الجمعيات الحقوقية والمهتمة بالحيوان بين من يرى في قانون الحيوانات الجديد خطوة إيجابية نحو تنظيم وحماية الحيوانات، ومن يعتبره قاسيًا وغير عملي، وقد يؤدي إلى نتائج عكسية. هذا الجدل يعكس تعقيد القضية، وضرورة الموازنة بين الرفق بالحيوان، والصحة العامة، والنظام المجتمعي. إن فهم هذه التباينات في وجهات النظر ضروري لتقييم الأبعاد الاجتماعية لـ قانون الحيوانات الجديد.

من جهة، يرى مؤيدو قانون الحيوانات الجديد، وخاصة بعض الجهات الحكومية والجمعيات التي تركز على الصحة العامة، أنه ضروري للحد من انتشار الأمراض التي قد تنقلها الحيوانات الضالة، مثل داء الكلب، ولضمان سلامة المواطنين من حوادث العض أو الإزعاج. كما يرون أن حظر الإطعام العشوائي يهدف إلى دفع الحيوانات الضالة نحو المراكز المخصصة لإيوائها ورعايتها، حيث يمكن التحكم في أعدادها وتوفير الرعاية الصحية اللازمة لها بشكل منظم. إن هذا التوجه يهدف إلى إضفاء الطابع المؤسسي على التعامل مع الحيوانات الضالة، بدلاً من تركها لمبادرات فردية قد تكون غير فعالة أو غير مستدامة. ويعتبرون أن قانون الحيوانات الجديد يمثل خطوة متقدمة نحو تنظيم هذه الظاهرة بشكل حضاري ومسؤول.

على الجانب الآخر، أعربت العديد من جمعيات الرفق بالحيوان ونشطاء حقوق الحيوان عن قلقهم البالغ إزاء بعض بنود قانون الحيوانات الجديد، خاصة المادة الخامسة التي تجرم إطعام الحيوانات الضالة. يرى هؤلاء أن هذا البند يتنافى مع مبادئ الرحمة والتعاطف، وقد يؤدي إلى تفاقم معاناة الحيوانات الضالة من الجوع والعطش، ويزيد من عدوانيتها بحثًا عن الطعام. كما يشيرون إلى أن الحل الأمثل لمشكلة الحيوانات الضالة يكمن في برامج التعقيم والتطعيم والإيواء، وليس في تجريم الإطعام. وقد نظم بعض النشطاء احتجاجات ومبادرات للتعبير عن رفضهم لهذا الجانب من قانون الحيوانات الجديد، مطالبين بمراجعة هذه البنود بما يضمن حماية الحيوانات دون الإضرار بها. إن هذا الجدل يسلط الضوء على التحديات الأخلاقية والعملية التي يواجهها تطبيق قانون الحيوانات الجديد.

إن تأثير قانون الحيوانات الجديد على سلوك الأفراد والمجتمع يظل محور نقاش. فمن المتوقع أن يؤدي القانون إلى تغييرات في كيفية تعامل المواطنين مع الحيوانات، سواء الأليفة أو الضالة. فمن جهة، قد يشجع القانون على المزيد من المسؤولية لدى مربي الحيوانات الأليفة، ويدفعهم إلى الالتزام بالتصريح والرقابة الصحية. ومن جهة أخرى، قد يؤدي حظر إطعام الحيوانات الضالة إلى تراجع المبادرات الفردية للرفق بها، مما قد يزيد من أعداد الحيوانات الجائعة في الشوارع. هذا التغيير في السلوك يتطلب حملات توعية مكثفة لتوضيح أهداف قانون الحيوانات الجديد، وتقديم بدائل عملية للمواطنين الراغبين في مساعدة الحيوانات، مثل التبرع للمراكز المخصصة أو المشاركة في برامج التبني. إن نجاح قانون الحيوانات الجديد يعتمد بشكل كبير على مدى تقبل المجتمع له وتعاونه في تطبيقه.

يُعد تحقيق التوازن بين حماية الحيوانات والسلامة العامة أحد التحديات الرئيسية التي يواجهها قانون الحيوانات الجديد. فبينما يسعى القانون إلى حماية الحيوانات من الإساءة وتوفير الرعاية لها، فإنه يسعى أيضًا إلى حماية المواطنين من المخاطر المحتملة التي قد تنجم عن وجود الحيوانات الضالة. هذا التوازن الدقيق يتطلب استراتيجيات شاملة لا تقتصر على الجانب التشريعي فحسب، بل تمتد لتشمل الجوانب التوعوية، والتنفيذية، والبنية التحتية. فبدون توفير مراكز إيواء كافية، وبرامج تعقيم فعالة، وحملات توعية مستمرة، قد يواجه تطبيق قانون الحيوانات الجديد صعوبات. إن النقاش الدائر حول قانون الحيوانات الجديد هو في جوهره نقاش حول كيفية تحقيق هذا التوازن، وضمان أن التشريع يخدم جميع الأطراف المعنية بشكل عادل وفعال.

الخلاصة: مستقبل قانون الحيوانات الجديد وتأثيره

في الختام، يمثل قانون الحيوانات الجديد في المغرب علامة فارقة في مسار تطور التشريعات المتعلقة بالرفق بالحيوان في المملكة. لقد حاول هذا القانون، بمواده وبنوده، أن يرسم خريطة طريق جديدة للتعامل مع الحيوانات، سواء كانت أليفة أو ضالة، مع الأخذ في الاعتبار التحديات الصحية والأمنية التي قد تنجم عن وجودها في الفضاءات العامة. إن أبرز نقاط قانون الحيوانات الجديد تتمثل في تعريف شامل للحيوانات الضالة، وتحديد مسؤوليات مربي الحيوانات الأليفة، وإنشاء مراكز إيواء ورعاية، وفرض عقوبات صارمة على المخالفين. هذه النقاط مجتمعة تشكل إطارًا قانونيًا يهدف إلى تنظيم العلاقة بين الإنسان والحيوان بشكل أكثر مسؤولية وإنسانية، ويضع المغرب في مصاف الدول التي تولي اهتمامًا خاصًا لهذه القضية الحيوية.

إن التطلعات المستقبلية لتطبيق قانون الحيوانات الجديد تتجاوز مجرد فرض العقوبات؛ فهي تهدف إلى بناء مجتمع أكثر وعيًا وإنسانية تجاه الحيوانات. يتطلب نجاح هذا القانون تضافر جهود جميع الأطراف المعنية، من الحكومة والمؤسسات المحلية إلى الجمعيات المدنية والأفراد. يجب أن تترافق عملية التطبيق مع حملات توعية مكثفة تشرح أهداف القانون، وتوضح مسؤوليات الأفراد، وتقدم بدائل عملية للتعامل مع الحيوانات. كما أن توفير البنية التحتية اللازمة، مثل مراكز الإيواء المجهزة وبرامج التعقيم والتطعيم، سيكون له دور حاسم في تحقيق الأهداف المرجوة من قانون الحيوانات الجديد. إن التحدي الأكبر يكمن في تحويل هذه النصوص القانونية إلى واقع ملموس يضمن رفاهية الحيوانات وسلامة المواطنين في آن واحد.

وفي ظل الجدل الذي أثاره، يدعو قانون الحيوانات الجديد الجميع إلى الوعي والالتزام ببنوده، ليس فقط لتجنب العقوبات، بل لإيمان راسخ بأهمية الرفق بالحيوان كقيمة إنسانية وحضارية. إن التعامل المسؤول مع الحيوانات يعكس مدى تقدم المجتمع وتحضره، ويسهم في بناء بيئة صحية وآمنة للجميع. إن هذا القانون، رغم ما يحيط به من نقاشات، يمثل خطوة جريئة نحو مستقبل أفضل للحيوانات في المغرب، ويضع الأساس لثقافة مجتمعية تقدر الحياة وتحترم جميع الكائنات. إن التزامنا بـ قانون الحيوانات الجديد هو التزام بمستقبل أكثر إشراقًا لجميع الكائنات الحية التي تشاركنا هذا الكوكب.

[1] https://www.chambredesrepresentants.ma/ar/%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B5%D9%88%D8%B5-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B4%D8%B1%D9%8A%D8%B9%D9%8A%D8%A9/mshrw-qanwn-rqm-1925-ytlq-bhmayt-alhywanat-aldalt-walwqayt-mn-akhtarha
[2] https://al3omk.com/1092967.html
[3] https://thepress.ma/%D9%82%D9%88%D9%86-%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF-%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%8A%D9%88%D8%A7%D9%86%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B6%D8%A7%D9%84%D8%A9-%D9%81%D9%8A/

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock